نصائح هامة للتربويين

لقد عملت في مجال التدريب اكثر من عشرة اعوام .. واحب ان اقيد نصائح هامة جدا للمدربين وانا اولهم .. كون ان هناك معان مشتركة بينهم بغض النظر عن نوع التدريب الذي يدربونه الطلاب سواء اكان حركي او علمي او علاجي او توجيهي..الخ , لان هناك محكمات تجمع عمل هؤلاء المدربين بسبب انهم كلهم سيتعاملون مع طلاب .. فالعلاقة اذا هي بين مدرب وتلاميذ.
ولعل من اهم النصائح التي يجب ان نتقيد بها نحن معشر المدربين هو التعامل مع النفسية التي يأتي بها الينا الطلاب والمتمثلة بالصورة المرسومة في اذهانهم عن
1- اشخاصنا
2- العلم الذي نعلمهم اياه
وكثيرا ما نقع نحن معشر المدربين بالخوف من الظهور امام طلابنا بالنقص في القدرة او العلم والفهم في ما يسأله الطلاب ايانا عنه خلال سيرتهم معنا, وبالتالي قد يتعاظم الخوف هذا عندنا من ان نظهر امام طلابنا في النقص بالقدرة او العلم والفهم فنلجأ احيانا الى التكلف واخفاء ما قد يبدوا امام طلابنا انه عجز في المقدرة او العلم والفهم.. ومن هنا يبدا الخطأ الذي اذا تغافلنا عنه واستمرينا فيه سنقود انفسنا وطلابنا الى فقدان الثقة بيننا والظهور امامهم بمظهر غير مرضي كنا قد حرصنا طويلا وكثيرا على اخفاءه..وقد وجدت ولله الحمد ان المخرج لنا نحن معشر المدربين امام طلابنا من هذا الوهم هو التعامل معهم بشفافية ومصداقية بحيث انه عند النقطة التي نعجز فيها .. يجب حقيقة ان لانخجل من الظهور امامهم بهذا العجز او القصور لاننا اذا ما تمكنا من التخفي والتستر امام طلابنا عن بعض جوانب العجز والقصور التي فينا حينا من الزمن فانه ولابد وبلاشك ان ياتي اليوم الذي يكتشف فيه الطلاب هذه الجوانب التي فينا من العجز او القصور وحينها ما يحدث لهم هو انهيار الصورة المثالية التي كانوا يحملونها في ذواتهم عننا كمدربين والتي تمكنا خلال فترة ما من اخفاءها عنهم , بعكس فيما اذا تعاملنا معهم على اساس اننا لانفترق عنهم كثيرا في القدرة والذكاء.. بل وانهم قد يكونون احسن منا في بعض الجوانب وبعض الاجتهادات .. والسبب في انهم لابد ان يكتشفوا ما فينا من جوانب قصور او عجز هو ما يحصل معهم من نمو فكري وعقلي مع الايام .. والامر الثاني هو اننا لم نكن صادقين معهم , واردنا ان نكون دائما امامهم بصورة لامثيل لها عندهم .
من الاحسن ان يتعامل معنا طلابنا على اننا بشر ليظل الاحترام والتقدير على اساس هذه البشرية الآدمية المجبووما يتعلق باشخاصنا كمدربين ايضا هو الحرص دائما على الظهور بالمظهر الشكلي المبالغ فيه .. حتى اننا احيانا نصل الى الاعتقاد بانه لولا هذا المظهر الشكلي لسقطنا من اعين الناس .. وهذا وهم حاصل فينا يزينه الشيطان وينميه , علينا ان نتخلص منه بتعويد انفسنا على الظهور بمظهر جيد وبمظهر متواضع وبسيط .. ولعل السبب في ذلك هو ان بعض من الطلاب بسبب قلة المعرفة يتأسس عنده الاحترام والتبجيل للمدرب بناء على شكل المظهر الذي نظهر فيه امامهم دائما .. وهذا امر في غاية الاهمية لاننا بذلك نؤسس في الطلاب الحكم على الالفاظ الشكلية والديكورات التجميلية اكثر من المعاني العقليه والمحكمات الثابته.. فعلينا نحن معشر المدربين ان نؤسس في الطلاب الحكم على الاشياء بناء على معانيها القيمة وثوابتها المبدأية المحكمة من خلال اضطرار الطلاب على احترامنا نحن كمدربين ليس على اساس ما نحرص على الظهور به امامهم ولكن على اساس ما نحمله من معارف وقيم ومبادىء.... ولايعني هذا ان نظهر بالمظهر المشين والقبيح والقذر فهذا مما لايأمر به العقل ولا النقل.
ومن الاشياء المتعلقة باشخاصنا كمدربين ايضا هو ما نصادفه عند بعض الطلاب المتميزين بحدة الذكاء وفطانة الفهم حتى انهم يدركون التحسن في ما نقوله لهم سريعا وبسعة وعمق احيانا يكون احسن مما عندنا ومما نتميز به نحن كمدربين.. الامر الذي يوسوس لنا الشيطان وهوى النفس الامارة بالسوء من هذا التحسن الفريد الذي ظهر في هذا الطالب فنعمل اذا لم نراعي الامانه الكونية والشرعيه على التقليل من اهمية هذا التحسن خشية ان يظهر امام الطلاب بانه افهم واعلم منا .. بل قد يصل الحال عند بعضنا الى وأد بذور هذا التحسن عند هذا الطالب بتشكيكه في ما يصل اليه من تحسنات واجتهادات حسنة بطريقة ماكرة .. وهذا غير سليم , لانه سيورث في انفسنا يوما بعد يوم الحسد واستعظام الخوف من مثل هذه التحسنات عند بعض الطلاب حتى لانستطيع ان نكتمها فتنكشف لبعض من الاخرين فيحدث انهم يستصغرون عملنا هذا وتقل قيمتنا فيهم وعندهم .. وعلاج ذلك ان نعلم علم اليقين انه كثيرا ما يحدث ان التلميذ قد يفهم ما لم يفهمه استاذه وهذا حاصل مع الانبياء عليهم السلام(( ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما)).. وعلينا عندئذ ان نقر بفضل الله الذي يؤتيه من يشاء فنتعامل مع هذا التحسن بان نحول انفسنا الى تلاميذ في تلك اللحظة التي يتحدث فيها مثلا هذا الطالب بما وقع عنده ونسأله ونستفسرمنه عن التفاصيل .. ونقول له اشكرك كثيرا لقد افدتني واضفت الى معلوماتي ما لم يكن موجود عندي .. بل من الحكمة والانصاف ان تخبر بقية الطلاب في المحاضرة عما وصل اليه هذا الطالب وكيف انه افادك كمدرب وصحح لك وجه الخطأ الذي كان عندك او انه اضاف تفصيلا جديدا الى ما عندك.. وحينها ستحافظ على ماء وجهك وستكسر وازع وخاطر الحسد والنفس الامارة بالسوء وستزداد في نظر الطلاب مكانة واحتراما ,, والاهم من ذلك انك ستعلمهم ان فضل الله كبير ولا يلزم ان نكون نحن المدربين نمتلك الحقائق والمعارف كلها .. وستعلمهم ثقة الاجتهاد في انفسهم وتصبح عندئذ انك مربي تخرج اساتذة ومعلمين ومرشدين وليس طلاب ومستمعين .. وللحديث بقية انشاء الله
لين عليها والتي قد نكون في يوم من الايام بقدرة حسنة وفي يوم اخر بعجز وفي يوم من الايام بذكاء وفي يوم اخر بغباء لاننا حقيقة بشر .
اما من اهم الفوائد التي نؤسسها في الطلاب اذا ما التزمنا بهذا الهدي الحسي والمعنوي هو صقل مواهبهم واخراج طاقاتهم الكامنة والتي يجب ان نعلم انها وبلا شك ستكون في يوم من الايام معززة لنا عند ضعفنا او غفلتنا .وللحديث بقية باذن الله تعالى